فصل: مسألة (755): ما فضل من أموال الفيء عن المصالح، فإنَّه لجميع المسلمن، غنيهم وفقيرهم.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تنقيح التحقيق في أحاديث التعليق ***


مسائل الأراضي

مسألة ‏(‏751‏)‏‏:‏ مكَّة فتحت عنوة‏.‏

وعنه‏:‏ أنَّها فتحت صلحا، كقول الشافعيِّ‏.‏

لنا ثلاثة أحاديث‏:‏ 3086- الحديث الأوَّل‏:‏ قال الإمام أحمد‏:‏ حدَّثنا حجَّاج ثنا ليث قال‏:‏ حدَّثني سعيد المقبريُّ عن أبي شريح عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّه قال في الغد من يوم الفتح‏:‏ ‏"‏إنَّ مكَّة حرَّمها الله ولم يحرِّمها الناس، فلا يحلّ لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دمًا، ولا يعضد بها شجرة، فإن أحد ترخَّص لقتال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيها، فقولوا‏:‏ إنَّ الله عزَّ وجلَّ أذن لرسوله ولم يأذن لكم، وإنَّما أذن لي فيها ساعة من نهار، وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس، فليبلِّغ الشاهد الغائب‏"‏‏.‏

3087- الحديث الثاني‏:‏ قال البخاريُّ‏:‏ حدَّثنا يحيى بن موسى ثنا الوليد بن مسلم ثنا الأوزاعيُّ قال‏:‏ حدَّثني يحيى بن أبي كثير قال‏:‏ حدَّثني أبو سلمة قال‏:‏ حدَّثني أبو هريرة عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏إنَّ الله حبس عن مكَّة الفيل، وسلَّط عليها رسوله والمؤمنين، وإنَّها لا تحلُّ لأحد من بعدي، وإنَّما أحلَّت لي ساعة من نهار‏"‏‏.‏

الحديثان في ‏"‏ الصحيحين‏"‏‏.‏

3088- الحديث الثالث‏:‏ قال الإمام أحمد‏:‏ حدَّثنا بهز وهاشم قالا‏:‏ ثنا سليمان بن المغيرة عن ثابت البُنانيِّ عن عبد الله بن رباح عن أبي هريرة أنَّه ذكر فتح مكَّة، فقال‏:‏ أقبل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فدخل مكَّة، فبعث الزبير على إحدى المُجَنِّبتين، وبعث خالدًا على المُجَنِّبة الأخرى، وبعث أبا عبيدة على الحُسَّر، فأخذوا بطن الوادي، ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في كتيبته‏.‏

قال‏:‏ وقد وبَّشَت قريش أوباشها، وقالوا‏:‏ نقدِّم هؤلاء، فإن كان لهم شيء كنا معهم، وإن أصيبوا أعطينا الذي سئلنا‏.‏

قال أبو هريرة‏:‏ ففطن، فقال لي‏:‏ ‏"‏يا أبا هريرة‏"‏‏.‏

قلت‏:‏ لبيك يا رسول الله‏.‏

قال‏:‏ ‏"‏اهتف لي بالأنصار، ولا يأتني إلا أنصاريّ‏"‏‏.‏

فهتفت بهم، فجاؤوا، فأطافوا برسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال‏:‏ ‏"‏ترون إلى أوباش قريس وأتباعهم‏"‏‏.‏

ثم قال بيديه إحداهما على الأخرى‏:‏ ‏"‏احصدوهم حصدًا، حتَّى توافوني بالصفا‏"‏‏.‏

قال أبو هريرة‏:‏ فانطلقنا، فما يشاء أحد منا أن يقتل منهم ما شاء، فقال أبو سفيان‏:‏ أبيحت خضراء قريش، لا قريش بعد اليوم‏!‏ فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏من أغلق بابه فهو آمن، ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن‏"‏‏.‏

فغلق الناس أبوابهم، فأقبل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى الحَجَر، فاستلمه، ثم طاف بالبيت، وفي يده قوس أخذ بسِيَةِ القوس، فأتى في طوافه على صنم إلى جنب البيت يعبدونه، فجعل يطعن بها في عينه، ويقول‏:‏ ‏"‏جاء الحق وزهق الباطل‏"‏‏.‏

ثم أتى الصفا، فعلاه حيث ينظر إلى البيت، فرفع يديه، فجعل يذكر الله بما شاء أن يذكره، ويدعوه‏.‏

انفرد بإخراجه مسلمٌ‏.‏

وقد استدلَّ أصحابنا بحديث لا يصلح الاستدلال به‏:‏ 3089- قال أبو أحمد بن عَدِيٍّ‏:‏ حدَّثنا أبو يعلى ثنا زهير بن حرب ثنا محمَّد بن الحسن المدينيُّ قال‏:‏ حدَّثني مالك بن أنس عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏فتحت القرى بالسيف، وفتحت المدينة بالقرآن‏"‏‏.‏

قال أحمد بن حنبل‏:‏ هذا حديث منكر، لم يسمع من حديث مالك ولا هشام، إنما هذا قول مالك، لم يروه عن أحد، قد رأيت هذا الشيخ- يعني محمَّد بن الحسن- وكان كذَّابًا‏.‏

قلت‏:‏ لم تسمع هذا من حديث مالك، ولا من حديث هشام‏؟‏ قال‏:‏ لا‏.‏

ئم قال مُهَنَّا‏:‏ ‏(‏وسألت يحيى بن معين عنه، فقال‏:‏ ليس بصحيح، قد رأيت أنا هذا الشيخ- يعني‏:‏ محمَّد بن الحسن- وكان كذَّابًا، وكان رجلاً سخيًّا‏.‏

قلت‏:‏ يروى عنه الحديث‏؟‏ قال‏:‏ لا، هو كذَّاب وقال‏:‏ إنما كان هذا قول مالكٍ، ولم يكن يرويه عن أحد‏)‏ ا‏.‏ هـ‏.‏

فالذي يبدو أن ابن الجوزي اختصر كلام أحمد وخلطه بكلام ابن معين، والله أعلم‏.‏

قال المصنِّف‏:‏ قلت‏:‏ وكذا قال أبو داود ويحيى بن معين‏:‏ كان هذا الشيخ كذَّابًا‏.‏

ز‏:‏ محمَّد بن الحسن هذا، هو‏:‏ ابن زَبَالة، المخزوميُّ، قال ابن عَدِيٍّ‏:‏ أنكر ما روى حديث هشام بن عروة‏:‏ ‏(‏فتحت القرى بالسيف‏)‏‏.‏

وقال معاوية بن صالح‏:‏ قال لي يحيى بن معين‏:‏ محمَّد بن الحسن الزَّبَاليُّ- والله- ما هو بثقة، حدَّث- عدو الله- عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏فتحت المدينة بالقرآن، وفتحت سائر البلاد بالسيف‏"‏‏.‏

وقال أحمد بن صالح المصريُّ‏:‏ كتبت عنه مائة ألف حديث، ثم تبيَّن لي أنَّه كان يضع الحديث، فتركت حديثه‏.‏

وقال أبو حاتم‏:‏ عنده مناكير، وليس بمتروك الحديث‏.‏

وقال أبو داود‏:‏ كذَّابًا المدينة‏:‏ محمَّد بن الحسن بن زَبَالة ووهب بن وهب أبو البَختريِّ، بلغني أنَّه كان يضع الحديث بالليل على السراج‏.‏

وقال النَّسائيُّ في ابن زَبَالة‏:‏ متروك الحديث‏.‏

والله أعلم O‏.‏

مسألة ‏(‏752‏)‏‏:‏ لا يجوز بيع رباع مكَّة‏.‏

وعنه‏:‏ يجوز كقول الشافعيِّ‏.‏

وهذه مبنيَّة على التي قبلها، إن قلنا‏:‏ إنَّها فتحت عنوة، صارت وقفًا على المسلمين؛ وإن قلنا‏:‏ صلحًا، فهي باقية على أهلها‏.‏

وقد ذكرنا هذه المسألة في كتاب البيع‏.‏

مسألة ‏(‏753‏)‏‏:‏ إذا ملكت الأرض عنوة، فالإمام مخيَّر بين‏:‏ قسمتها بين الغانمين؛ وبين إيقافها على جماعة المسلمين

وعنه‏:‏ تجب قسمتها بين الغانمين، كقول الشافعيِّ‏.‏

وعنه‏:‏ أنَّها تصير وقفًا على جماعة المسلمين بنفس الظهور، ولا يجوز قسمتها، كقول مالك‏.‏

وقال أبو حنيفة‏:‏ الإمام مخيَّر بين‏:‏ قسمتها؛ وبين إقرار أهلها عليها بالخراج؛ وبن صرفهم عنها، ويأتي بقوم آخرين يضرب عليهم الخراج؛ وليس له أن يقفها‏.‏

لنا على الشافعيِّ‏:‏

3090- ما رواه أبو داود، قال‏:‏ حدَّثنا الربيع بن سليمان المؤذِّن ثنا أسد بن موسى ثنا يحيى بن زكريا قال‏:‏ حدَّثني سفيان عن يحيى بن سعيد عن بُشير بن يسار عن سهل بن أبي حَثْمة قال‏:‏ قسم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خيبر نصفين‏:‏ نصف لنوائبه وحاجته، ونصف بين المسلمين، قسمها بينهم على ثمانية عشر سهمًا‏.‏

ز‏:‏ هذا الحديث انفرد به أبو داود، وإسناده جيِّد‏.‏

ويحيى بن زكريا المؤذِّن، أبي زائدة‏:‏ أحد الثقات‏.‏

ورواه الطبرانيُّ عن المقدام بن داود عن أسد O‏.‏

مسألة ‏(‏754‏)‏‏:‏ يجوز إخراج النفل من أربعة أخماس الغنيمة‏.‏

وقال مالكٌ والشافعيُّ‏:‏ يكون ذلك من خمس الخمس الذي للمصالح‏.‏

لنا حديثان‏:‏ 3091- الحديث الأوَّل‏:‏ قال الإمام أحمد‏:‏ حدَّثنا سفيان عن أيُّوب عن نافع عن ابن عمر أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعث سرية إلى نجد، فبلغت سهامهم اثني عشر بعيرًا، ونفلنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعيرًا بعيرًا‏.‏

أخرجاه‏.‏

3092- الحديث الثاني‏:‏ قال أحمد‏:‏ وحدَّثنا حمَّاد بن خالد الخيَّاط عن معاوية بن صالح عن العلاء بن الحارث عن مكحول عن زياد بن جارية عن حبيب بن مسلمة أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نفل الربع بعد الخمس في بداته، ونفل الثلث بعد الخمس في رجعته‏.‏

ز‏:‏ رواه أبو داود عن القواريريِّ عن ابن مهديٍّ عن معاوية‏.‏

وقد رواه غير واحدٍ عن مكحول، وفي إسناده اختلافٌ‏.‏

ورواه سليمان بن موسى عن زياد، ورواه أيضًا عن مكحول عنه‏.‏

وقد روي من حديث عبادة بن الصامت، والله أعلم O‏.‏

مسألة ‏(‏755‏)‏‏:‏ ما فضل من أموال الفيء عن المصالح، فإنَّه لجميع المسلمن، غنيهم وفقيرهم‏.‏

وقال الشافعيُّ‏:‏ يختص بالمصالح‏.‏

3093- قال الإمام أحمد‏:‏ حدَّثنا عبد الرزَّاق ثنا معمر عن الزهريِّ عن مالك بن أوس بن الحدثان قال‏:‏ قال عمر‏:‏ إنَّ الله عزَّ وجلَّ خصَّ نبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من هذا الفيء بشيء لم يعطه غيره، فقال‏:‏ ‏(‏وَمَا أَفَاءَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ‏}‏ ‏[‏الحشر‏:‏ 6‏]‏ فكانت لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خاصة، والله ما اختارها دونكم، ولا استأثر بها عليكم، وكان ينفق على أهله منه سنة، ثم يجعل ما بقي منه مجعل مال الله عزَّ وجلَّ‏.‏

ووجه الحجَّة‏:‏ أنَّ الآيات استوعبت كلَّ النَّاس‏.‏

ز‏:‏ هذا الحديث مخرَّج في ‏"‏ الصحيح ‏"‏ من رواية معمر وغيره عن الزهريِّ، والله أعلم O‏.‏

مسائل الجزية

مسألة ‏(‏756‏)‏‏:‏ المجوس لا كتاب لهم، خلافًا لأحد قولي الشافعيِّ‏.‏

3094- قال أبو داود‏:‏ حدَّثنا أحمد بن سنان الواسطيُّ ثنا محمَّد بن بلال عن عمران القطَّان عن أبي جمرة عن ابن عبَّاس قال‏:‏ إنَّ أهل فارس لمَّا مات نبيُّهم، كتب لهم إبليس المجوسيَّة‏.‏

ز‏:‏ عمران القطَّان‏:‏ مختلفٌ في توثيقه‏.‏

ومحمَّد بن بلال الكنديُّ التمَّار‏:‏ وثَّقه ابن حِبَّان، وقال أبو داود‏:‏ ما سمعت إلا خيرًا‏.‏

وقال ابن عَدِيٍّ‏:‏ يُغرب عن عمران، وأرجو أنَّه لا بأس به O‏.‏

3095- وقال الشافعيُّ‏:‏ ثنا سفيان عن سعيد بن المرزبان عن نصر بن عاصم قال‏:‏ قال فروة بن نوفل‏:‏ على ما تؤخذ الجزية من المجوس، وليسوا بأهل كتاب‏؟‏‏!‏ فقام إليه المستورد، فأخذ بتلابيبه، وقال‏:‏ يا عدو الله، تطعن على أبي بكر وعمر وعلى أمير المؤمنين- يعني عليًّا- وقد أخذوا منهم الجزية‏.‏

فذهب به إلى القصر، فخرج عليهم عليٌّ، فقال‏:‏ ألبدا أنا أعلم الناس بالمجوس، كان لهم علمٌ يعلمونه، وكتابٌ يدرسونه، وإنَّ ملكهم سَكِر فوقع على ابنته أو أمِّه، فاطلع عليه بعض أهل مملكته، فلمَّا صحا، جاءوا يقيمون عليه الحدَّ، فامتنع منهم، فدعا أهل مملكته، فقال‏:‏ تعلمون دينا خيرا من دين آدم‏؟‏‏!‏ قد كان يُنكح بنيه من بناته، فأنا على دين آدم، وما يرغب بكم عن دينه‏؟‏‏!‏ فبايعوه، وقاتلوا الذين خالفوهم حتَّى قتلوهم، فأصبحوا وقد أسري على كتابهم فرفع من بين أظهرهم، وذهب العلم الذي في صدورهم، وهم أهل كتاب، وقد أخذ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبو بكر وعمر منهم الجزية‏.‏

قال المصنِّف‏:‏ سعيد بن المرزبان‏:‏ مجروحٌ، قال يحيى بن سعيد‏:‏ لا أستحل أن أروي عنه‏.‏

وقال يحيى‏:‏ ليس بشيء، ولا يكتب حديثه‏.‏

وقال الفلاس‏:‏ متروك الحديث‏.‏

وقال أبو أسامة‏:‏ كان ثقة‏.‏

وقال أبو زرعة‏:‏ صدوقٌ، مدلِّسٌ‏.‏

3096- قال الشافعيُّ‏:‏ وأنا مالك عن جعفر بن محمَّد عن أبيه أنَّ عمر ابن الخطَّاب ذكر المجوس، فقال‏:‏ ما أدري ما أصنع في أمرهم‏؟‏ فقال له عبد الرحمن بن عوف‏:‏ أشهد لسمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول‏:‏ سنُّوا بهم سنَّة أهل الكتاب‏.‏

ز‏:‏ هذا منقطعٌ، لأنَّ محمَّد بن عليٍّ‏:‏ لم يلق عمر، ولا عبد الرحمن ابن عوف‏.‏

وقد رواه عبيد الله بن عبد المجيد الحنفيُّ عن مالك عن جعفر عن أبيه عن جدِّه، فزاد ذكر جعفر، وهو أيضًا منقطعٌ، لأنَّ عليَّ بن الحسين لم يلق عمر ولا عبد الرحمن‏.‏

وقد روي في هذا عن عبد الرحمن من وجه آخر متصل، لكن في إسناده من تجهل حاله‏:‏ 3097- قال ابن أبي عاصم‏:‏ ثنا إبراهيم- يعني‏:‏ ابن الحجَّاج- الساميُّ ثنا أبو رجاء- جار كان لحمَّاد بن سلمة- ثنا الأعمش عن زيد بن وهب قال‏:‏ كنت عند عمر بن الخطَّاب، فذكر من عنده علم من المجوس، فوثب عبد الرحمن بن عوف، قال‏:‏ أشهد بالله على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لسمعته يقول‏:‏ ‏"‏إنَّما المجوس طائفة من أهل الكتاب، فاحملوهم على ما تحملون عليه أهل الكتاب ‏"‏ O‏.‏

3098- وقال الإمام أحمد‏:‏ حدَّثنا سفيان عن عمرو سمع بَجَالة يقول‏:‏ لم يكن عمر قَبِل الجزية من المجوس، حتَّى شهد عبد الرحمن بن عوف أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أخذها من مجوس هجر انفرد بإخراجه البخاريُّ‏.‏

مسألة ‏(‏757‏)‏‏:‏ إذا مرَّ الحربيُّ بمال التجارة على عاشر المسلمين، أخذ منه العشر، وإن كان ذميًّا نصف العشر‏.‏

وقال أبو حنيفة‏:‏ لا يؤخذ منهم، إلا أن يكونوا يأخذون منا‏.‏

وقال مالكٌ‏:‏ يؤخذ منهم إذا باعوا امتعتهم‏.‏

وقال الشافعيُّ‏:‏ إن اشترط ذلك عليهم جاز أخذه‏.‏

3099- قال الإمام أحمد‏:‏ حدَّثنا جرير عن عطاء بن السائب عن حرب بن هلال عن أبي أميَّة- رجل من تغلب- أنَّه سمع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول‏:‏ ‏"‏ليس على المسلمين عشور، إنَّما العشور على اليهود والنصارى‏"‏‏.‏

3100- طريق آخر‏:‏ قال أبو داود‏:‏ حدَّثنا محمَّد بن إبراهيم البزَّاز ثنا أبو نعيم ثنا عبد السلام عن عطاء بن السائب عن حرب بن عبيد الله بن عمير الثقفيِّ عن جدِّه- رجل من بني تغلب- قال‏:‏ أتيت النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأسلمت، وعلَّمني الإسلام، وعلَّمني كيف آخذ الصدقة من قومي، فقلت‏:‏ يا رسول الله، أعشرهم‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏لا، إنَّما العشور على النصارى واليهود‏"‏‏.‏

ز‏:‏ رواه أبو داود أيضًا عن مسدَّد عن أبي الأحوص عن عطاء بن السائب عن حرب بن عبيد الله عن جدِّه- أبي أمِّه- عن أبيه بنحوه مختصر‏.‏

وعن محمَّد بن عبيد المحاربيِّ عن وكيع عن سفيان عن عطاء بن السائب عن حرب بن عبيد الله عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمعناه‏.‏

وعن ابن بشَّار عن عبد الرحمن عن سفيان عن عطاء عن رجل من بكر ابن وائل عن خاله، قال‏:‏ قلت‏:‏ يا رسول الله أعشِّر قومي‏.‏

بمعناه‏.‏

وحرب‏:‏ روى له أبو داود هذا الحديث وحده، تفرَّد به عنه عطاء بن السائب، وكان ممن اختلط، واختلف عليه فيه على وجوه كثيرة، أشبهها ما رواه الثوريُّ عنه، فيما قيل، والله أعلم O‏.‏

مسألة ‏(‏758‏)‏‏:‏ إذا ذكر الذميُّ الله تعالى ورسوله وكتابه بما لا ينبغي انتقضت ذمَّته‏.‏

وقال أبو حنيفة‏:‏ لا تنتقض بذلك‏.‏

3101- قال أبو داود‏:‏ حدَّثنا عبَّاد بن موسى ثنا إسماعيل بن جعفر قال‏:‏ حدَّثني إسرائيل عن عثمان الشحَّام عن عكرمة عن ابن عبَّاس أنَّ أعمى كان على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكانت له أمُّ ولد، وكانت تشتم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وتقع فيه، فيزجرها فلا تنزجر، وينهاها فلا تنتهي، فلما كان ذات ليلة، ذكرت النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فوقعت فيه، فأخذ المعول، فوضعه في بطنها واتكأ عليه، فقتلها، فذُكر ذلك للنبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فجمع الناس، وقال‏:‏ ‏"‏أنشد الله رجلا لي عليه حقٌّ فعل ما فعل إلا قام‏"‏‏.‏

فأقبل الأعمى يتزلزل، فقال‏:‏ يا رسول الله، أنا صاحبها، كانت تشتمك، وتقع فيك، فأنهاها فلا تنتهي، وأزجرها فلا تنزجر، فلما كان البارحة، جعلت تشتمك، فأخذت المعول فوضعته في بطنها واتكأت عليها، حتَّى قتلتها، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ألا اشهدوا أنَّ دمَها هدرٌ‏"‏‏.‏

ز‏:‏ رواه النَّسائيُّ عن عثمان بن عبد الله عن عبَّاد، وإسناده جيِّد، فإنَّ عكرمة احتجَّ به البخاريُّ وكثر الأئمة‏.‏

وعثمان الشحَّام‏:‏ احتجَّ به مسلمٌ وغيره‏.‏

وباقي الإسناد‏:‏ مخرَّج لهم في ‏"‏ الصحيحين‏"‏‏.‏

وقد رواه أبو بكر بن أبي عاصم عن إسماعيل بن سالم عن عبيد الله بن موسى عن إسرائيل O‏.‏

3102- وقال النَّسائيُّ‏:‏ حدَّثنا عمرو بن عليٍّ ثنا معاذ بن معاذ ثنا شعبة عن توبة العنبريِّ عن عبد الله بن قدامة عن أبي برزة قال‏:‏ أغلظ رجل لأبي بكر الصدِّيق، فقلت‏:‏ أقتله‏؟‏ فانتهرني، وقال‏:‏ ليس هذا لأحد بعد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏

ز‏:‏ عبد الله بن قدامة‏:‏ وثَّقه النَّسائيُّ، وروى هذا الحديث أيضًا من غير وجه عن أبي برزة، ورواه أحمد وأبو داود والنَّسائيُّ من رواية عبد الله بن مطر عن أبي برزة O‏.‏

مسألة ‏(‏759‏)‏‏:‏ إذا شرط الإمام في عقد الهدنة‏:‏ من جاءه من الرجال مسلمًا رد إليهم، أو صالح الأمير أهل الحرب على أن يبعث إليهم بمال فإن لم يقدر رجع إليهم، لزم الوفاء بالشرطين‏.‏

وقال الشافعيُّ‏:‏ لا يلزم الوفاء بذلك، إلا أن يكون من جاءه من الرجال مسلمًا له عشيرة تمنع منه، فإنَّه يردُّه‏.‏

3103- قال الإمام أحمد‏:‏ حدَّثنا عبد الرزَّاق عن معمر عن الزهريِّ عن عروة عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم قالا‏:‏ خرج رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زمان الحديبية، وكتبوا بينهم كتابًا، وردَّ أبا جندل، ورجع إلى المدينة، فجاءه أبو بصير، فردَّه‏.‏

انفرد بإخراجه البخاريُّ‏.‏

مسألة ‏(‏760‏)‏‏:‏ يمنع الذمِّيُّ من استيطان الحجاز‏.‏

وقال أبو حنيفة‏:‏ لا يمنع‏.‏

3104- قال الترمذيُّ‏:‏ حدَّثنا الحسن بن عليٍّ الخلال ثنا عبد الرزَّاق أنا ابن جريج أنا أبو الزبير أنَّه سمع جابر بن عبد الله يقول‏:‏ أخبرني عمر بن الخطَّاب أنَّه سمع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول‏:‏ ‏"‏لأخرجنَّ اليهود والنصارى من جزيرة العرب، فلا أترك فيها إلا مسلمًا‏"‏‏.‏

قال الترمذيُّ‏:‏ هذا حديثٌ صحيحٌ‏.‏

ز‏:‏ رواه مسلمٌ عن محمَّد بن رافع عن عبد الرزَّاق، ورواه من غير وجه عن أبي الزبير O‏.‏

مسألة ‏(‏761‏)‏‏:‏ ما تشعث من البِيَع والكنائس، أو انهدم لم يجز رمه، ولا بناؤه، في إحدى الروايات، وهي اختيار أبي سعيد الإصطخريِّ وأبي عليٍّ ابن أبي هريرة من الشافعيَّة‏.‏

والثانية‏:‏ يجوز، كقول أكثر الفقهاء‏.‏

والثالثة‏:‏ يجوز عمارة ما تشعث، فأمَّا إن استولى الخراب على جميعها، لم يجز إنشاؤها، وهي اختيار أبي بكر الخلال‏.‏

3105- أنبأنا ابن خيرون قال‏:‏ أنبأنا أبو بكر الخطيب قال‏:‏ أنا ابن رزقويه بإسناد له عن عمر بن الخطَّاب عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏لا تبنى كنيسة في الإسلام، ولا يجدَّد ما خرب منها‏"‏‏.‏

ز‏:‏ هذا الحديث لا يثبت مرفوعًا، والله أعلم O‏.‏

مسائل الصيد

مسألة ‏(‏762‏)‏‏:‏ إذا أكل الكلب من الصيد لم يبح‏.‏

وعنه‏:‏ أنَّه يباح، كقول مالك‏.‏

وعن الشافعيِّ كالمذهبين‏.‏

3106- قال البخاريُّ‏:‏ حدَّثنا حفص بن عمر ثنا شعبة عن ابن أبي السفر عن الشعبيِّ عن عديِّ بن حاتم قال‏:‏ سألت النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال‏:‏ ‏"‏إذا أرسلت كلبك المعلَّم فقتل، فكل، فإذا أكل فلا تأكل، فإنَّما أمسكه على نفسه‏"‏‏.‏

أخرجاه في ‏"‏ الصحيحين‏"‏‏.‏

احتجُّوا‏:‏ 3107- بما رواه الدَّارَقُطْنِيُّ، قال‏:‏ حدَّثنا عليُّ بن عبد الله بن مبشِّر ثنا أحمد بن المقدام ثنا يزيد بن زريع ثنا حسين المعلِّم عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدِّه أنَّ رجلاً أتى النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقال له‏:‏ أبو ثعلبة- فقال‏:‏ يا رسول الله، إن لي كلابًا مكلبة، فأفتني في صيدها، فقال‏:‏ ‏"‏إن كانت لك كلاب مكلبة، فكل مما أمسكن عليك‏"‏‏.‏

قال‏:‏ ذكيٌّ وغير ذكيٍّ‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏ذكيٌّ وغير ذكيٍّ‏"‏‏.‏

قال‏:‏ وإن أكل منه‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏وإن أكل منه‏"‏‏.‏

قال‏:‏ يا رسول الله، أفتني في قوسي‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏كل ما رد عليك قوسك‏"‏‏.‏

قال‏:‏ ذكيٌّ وغير ذكيٍّ‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏ذكيٌّ وغير ذكيٍّ‏"‏‏.‏

قال‏:‏ وإن تغيب عني‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏وإن تغيب عنك، ما لم يضل أو تجد فيه أثرًا غير سهمك‏"‏‏.‏

ز‏:‏ كذا وجدته في نسخة‏:‏ ‏(‏يزيد بن حسين‏)‏، وفي نسخة أخرى‏:‏ ‏(‏عن حبيب المعلم‏)‏ وهو الصواب، فإنَّ أبا داود رواه عن محمَّد بن المنهال عن يزيد بن زريع عن حبيب‏.‏

3108- وقال‏:‏ ثنا محمَّد بن عيسى ثنا هشيم أنا داود بن عمرو عن بُسر بن عبيد الله عن أبي إدريس الخولانيِّ عن أبي ثعلية قال‏:‏ قال النبيُّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في صيد الكلب‏:‏ ‏"‏إذا أرسلت كلبك وذكرت اسم الله فكل، وإن أكل منه، وكل ما ردَّت يدك- أو قال‏:‏ وكل ما ردَّت عليك يدك-‏"‏‏.‏

هذا إسنادٌ حسنٌ‏.‏

وداود بن عمرو الدمشقيُّ، عامل واسط‏:‏ ثقةٌ مشهورٌ‏.‏

قاله ابن معين، وقال أحمد‏:‏ حديثه مقارب‏.‏

وقال العجليُّ‏:‏ يكتب حديثه، وليس بالقويِّ‏.‏

وقال أبو زرعة‏:‏ لا بأس به‏.‏

وحديث عمرو بن شعيب‏:‏ إسناده صحيحٌ إليه، فمن احتجَّ بعمرو فهو عنده صحيحٌ‏.‏

وقال البيهقيُّ‏:‏ إلا أنَّ حديث أبي ثعلبة مخرَّج في ‏"‏ الصحيحين ‏"‏ من حديث ربيعة بن يزيد الدمشقيِّ عن أبي إدريس الخولانيِّ عن أبي ثعلبة، وليس فيه ذكر الأكل‏.‏

وحديث الشعبيِّ عن عديٍّ أصحُّ من حديث داود بن عمرو الدمشقيِّ، ومن حديث عمرو بن شعيب، والله أعلم‏.‏

3109- وقد روى شعبة عن عبد ربِّه بن سعيد عن عمرو بن شعيب عن رجل من هذيل أنَّه سأل النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الكلب يصطاد، فقال‏:‏ ‏"‏كل، أكل أو لم يأكل ‏"‏ فصار حديث عمرو بهذا معلولا‏.‏

انتهى كلامه‏.‏

وقد يقال‏:‏ ليس بين حديث عمرو وداود، وبين حديث عديٍّ المخرَّج في ‏"‏ الصحيحين‏"‏ منافاة، لأنَّه علل الأكل في حديث عديٍّ بكونه أمسك على نفسه، وفي هذا الحديث يحتمل أنَّه أكل منه بعد أن قتله وانصرف عنه، والله أعلم O‏.‏

مسألة ‏(‏763‏)‏‏:‏ إذا قتل الكلب من غير جرح- نحو‏:‏ إن صدمه فمات- لم يحل، خلافًا لأحد قولي الشافعيِّ‏.‏

3110- قال الإمام أحمد‏:‏ حدَّثنا يحيى عن سفيان قال‏:‏ حدَّثني أبي عن عباية بن رافع بن خديج عن جدِّه رافع بن خديج قال‏:‏ قلت‏:‏ يا رسول الله، إنَّا لاقوا العدو غدًا وليست معنا مدى‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكل، ليس السنّ والظفر، وسأحدثك، أما السنُّ‏:‏ فعظمٌ، وأمَّا الظفر‏:‏ فمدى الحبش‏"‏‏.‏

أخرجاه في ‏"‏ الصحيحين‏"‏‏.‏

مسألة ‏(‏764‏)‏‏:‏ لا يباح صيد الكلب الأسود البهيم، خلافًا لأكثرهم‏.‏

3111- قال الإمام أحمد‏:‏ حدَّثنا إسماعيل أنا يونس عن الحسن عن عبد الله بن مغفَّل قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏لولا أنَّ الكلاب أمَّة من الأمم لأمرت بقتلها، فاقتلوا منها الأسود البهيم‏"‏‏.‏

فوجه الحجَّة‏:‏ أنَّه أمر بقتله، وذلك يقتضي النهي عن إمساكه وتعليمه والاصطياد به‏.‏

ز‏:‏ روى هذا الحديث أصحاب ‏"‏السنن الأربعة‏"‏ من رواية يونس- وهو‏:‏ ابن عبيد-، وصحَّحه الترمذيُّ‏.‏

والحسن سمع من ابن مغفَّل‏.‏

قاله الإمام أحمد فيما رواه ابنه صالح عنه، والله أعلم O‏.‏

مسألة ‏(‏765‏)‏‏:‏ إذا أصاب صيدًا بالرمي فغاب عنه، ثم وجده ميتًا حلَّ‏.‏

وعنه‏:‏ إن وجده في يومه حلَّ، وإن بات عنه لم يحلّ‏.‏

وعنه‏:‏ إن كانت الإصابة موجبة حلَّ، وإلا فلا‏.‏

وهكذا إذا أرسل الكلب فغاب عنه، ثم وجده قتيلاً‏.‏

وقال أبو حنيفة‏:‏ إن اشتغل بطلبه حلَّ، وإلا فلا‏.‏

وقال الشافعيُّ- في أحد القولين-‏:‏ لا يحلُّ بحالٍ‏.‏

لنا حديثان‏:‏ الحديث الأوَّل‏:‏ حديث عمرو بن شعيب، وقد تقدَّم‏.‏

3112- الحديث الثاني‏:‏ قال الإمام أحمد‏:‏ حدَّثنا هشيم عن أبي بشر عن سعيد بن جبير عن عديِّ بن حاتم قال‏:‏ سألت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قلت‏:‏ يرمي أحدنا الصيد، فيغيب عنه ليلة أو ليلتين، فيجده وفيه سهمه، قال‏:‏ ‏"‏إذا وجدت سهمك ولم تجد فيه أثر غيره، وعلمت أنَّ سهمك قتله فكله‏"‏‏.‏

ز‏:‏ رواه النسائيُّ عن زياد بن أيُّوب عن هشيم O‏.‏

3113- حديث آخر‏:‏ قال الترمذيُّ‏:‏ حدَّثنا محمود بن غيلان ثنا أبو داود أنا شعبة عن أبي بشر قال‏:‏ سمعت سعيد بن جبير يحدِّث عن عديِّ بن حاتم قال‏:‏ قلت‏:‏ يا رسول الله، أرمي الصيد، فأجد فيه سهمي من الغد‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏إذا علمت أنَّ سهمك قتله، ولم تر فيه أثر سبع فكل‏"‏‏.‏

ز‏:‏ قال الترمذيُّ‏:‏ روى شعبة هذا الحديث عن أبي بشر وعبد الملك بن ميسرة عن سعيد بن جبير عن عديِّ بن حاتم، وكلا الحديثين صحيحٌ‏.‏

وقد رواه النسائيُّ من رواية خالد بن الحارث عن شعبة عنهما، والله أعلم O‏.‏

3114- طريق آخر‏:‏ قال الترمذيُّ‏:‏ حدَّثنا أحمد بن منيع ثنا عبد الله قال‏:‏ أخبرني عاصم الأحول عن الشعبيِّ عن عديِّ بن حاتم قال‏:‏ سألت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الصيد، فقال‏:‏ ‏"‏إذا رميت بسهمك فاذكر اسم الله، فإن وجدته قد قتل فكل، إلا أن تجده قد وقع في ماء فلا تأكل، فإنَّك لا تدري الماء قتله أو سهمك‏"‏‏.‏

قال الترمذيُّ‏:‏ الحديثان صحيحان‏.‏

ز‏:‏ رواه مسلمٌ في ‏"‏ صحيحه ‏"‏ عن يحيى بن أيُّوب عن عبد الله بن المبارك به O‏.‏

3115- طريق آخر‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ حدَّثنا يعقوب بن إبراهيم البزَّاز ثنا الحسن بن عرفة ثنا عبَّاد بن عبَّاد المهلبيُّ عن عاصم الأحول عن الشعبيِّ عن عديِّ بن حاتم أنَّه سأل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال‏:‏ أرمي بسهمي فأصيب، فلا أقدر عديه إلا بعد يوم أو يومين‏؟‏ فقال‏:‏ ‏"‏إذا قدرت عليه وليس فيه أثرٌ ولا خدشٌ إلا رميتك فكل، وإن وجدت فيه أثرًا غير رميتك فلا تأكله، فإنَّك لاتدري أنت قتلته أم غيرك‏"‏‏.‏

ز‏:‏ هذا إسنادٌ صحيحٌ، ولم يخرِّجه أحدٌ من أصحاب ‏"‏الكتب السِّتَّة‏"‏ من حديث عبَّاد، والله أعلم O‏.‏

مسألة ‏(‏766‏)‏‏:‏ إذا توحشَّ الإنسيُّ من الحيوان- كالبعير يند، والفرس يشرد- فذكاته حيث يجرح من بدنه، وهكذا إذا تردَّى في بئر فلم يقدر على ذبحه‏.‏

وقال مالكٌ‏:‏ لا تجوز ذكاته إلا في الحلق واللبَّة‏.‏

3116- قال الإمام أحمد‏:‏ حدَّثنا يحيى عن سفيان قال‏:‏ حدَّثني أبي عن عباية بن رفاعة بن رافع بن خديج ‏[‏عن جده رافع بن خديج‏]‏ قال‏:‏ أصابنا نهب إبل، فندّ منها بعير، فرماه رجل بسهم فحبسه، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏إنَّ لهذه الإبل أوابد كأوابد الوحش، فإذا غلبكم منها شيءٌ فافعلوا به هكذا‏"‏‏.‏

أخرجاه في ‏"‏ الصحيحين‏"‏‏.‏

احتجُّوا‏:‏ بقوله‏:‏ ‏"‏لا ذكاة إلا في الحلق واللبَّة‏"‏‏.‏

وسيأتي بإسناده، وذلك في المقدور عليه‏.‏

مسألة ‏(‏767‏)‏‏:‏ متروك التسمية لا يحلُّ، سواء ترك التسمية عامدًا أو ساهيًا‏.‏

وعنه‏:‏ إن تركها عامدًا لم يحل، وإن تركها ناسيًا حلَّ، وهو قول أبي حينفة ومالك‏.‏

وعنه‏:‏ إن نسيها على الذبيحة حلَّت، فأمَّا على الصيد فلا‏.‏

وعنه‏:‏ إن نسيها على السهم حلَّت، فأمَّا على الكلب والفهد فلا‏.‏

وقال الشافعيُّ‏:‏ يحلُّ، سواء تركها عامدًا أو ناسيًا‏.‏

لنا‏:‏ قوله تعالى‏:‏ ‏(‏وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ‏}‏ ‏[‏الأنعام‏:‏ 121‏]‏‏.‏

ولنا حديثان‏:‏ أحدهما‏:‏ حديث رافع بن خديج‏:‏ ‏"‏ما أنهر الدم، وذكر اسم الله عليه فكل‏"‏‏.‏

وقد سبق بإسناده‏.‏

3117- الحديث الثاني‏:‏ قال البخاريُّ‏:‏ حدَّثنا حفص بن عمر ثنا شعبة عن ابن أبي السفر عن الشعبيِّ عن عديِّ بن حاتم قال‏:‏ قلت‏:‏ يا رسول الله، أرسل كلبي فأجد معه كلبًا آخر، قال‏:‏ ‏"‏فلا تأكل، فإنَّما سمَّيت على كلبك، ولم تسمّ على كلبٍ آخر‏"‏‏.‏

أخرجاه في ‏"‏ الصحيحين‏"‏‏.‏

3118- طريق آخر‏:‏ قال الإمام أحمد‏:‏ حدَّثنا عبد الرزَّاق ثنا معمر عن عاصم بن سليمان عن الشعبيِّ عن عديِّ بن حاتم قال‏:‏ قلت‏:‏ يا رسول الله، إنَّ أرضي أرض صيد‏.‏

قال‏:‏ ‏"‏إذا أرسلت كلبك وسمَّيت فكل ما أمسك عليك كلبك وإن قتل، فإن أكل منه فلا تأكل، فإنَّه إنَّما أمسك على نفسه‏"‏‏.‏

ز‏:‏ أخرجاه في ‏"‏ الصحيحين ‏"‏ من حديث عاصم الأحول‏.‏

ورواه النسائيُّ من رواية معمر، والله أعلم O‏.‏

احتجُّوا بأربعة أحاديث‏:‏ 3119- الحديث الأوَّل‏:‏ قال البخاريُّ‏:‏ حدَّثنا محمَّد بن عبيد الله ثنا أسامة بن حفص عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أنَّ قومًا قالوا للنبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ إنَّ قومًا يأتونا باللحم لا ندري‏:‏ أذكر اسم الله عليه أم لا‏؟‏ فقال‏:‏ ‏"‏سمُّوا عليه أنتم وكلوه‏"‏‏.‏

قالت‏:‏ وكانو حديثي عهد بالكفر‏.‏

انفرد بإخراجه البخاريُّ‏.‏

3120- الحديث الثاني‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ حدَّثنا عبد الباقي بن قانع ثنا محمَّد بن نوح العسكريُّ ثنا يحيى بن يزيد الأهوازيُّ ثنا أبو همَّام محمَّد بن الزبرقان عن مروان بن سالم عن الأوزاعيِّ عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال‏:‏ سأل رجلٌ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال‏:‏ يا رسول الله، أرأيت الرجل منا يذبح وينسى أن يسمي الله عز وجل‏؟‏ فقال النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏اسم الله على فم كلِّ مسلمٍ‏"‏‏.‏

3121- الحديث الثالث‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ وحدَّثنا الحسين بن إسماعيل ثنا أبو حاتم الرازيُّ ثنا محمَّد بن يزيد ثنا معقل عن عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن عبَّاس أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏المسلم إن نسي أن يسمِّي حين يذبح، فليسمِّ، وليذكر اسم الله، ثم ليأكل‏"‏‏.‏

3122- الحديث الرابع‏:‏ قال أبو داود في ‏"‏ المراسيل ‏"‏‏:‏ حدَّثنا مسدَّد ثنا عبد الله بن داود عن ثور بن يزيد عن الصلت قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ذبيحة المسلم حلالٌ، ذكر اسم الله أو لم يذكر‏"‏‏.‏

والجواب‏:‏

أمَّا الحديث الأوَّل‏:‏ فالظاهر تسميتهم‏.‏

وأمَّا الثاني‏:‏ ففيه‏:‏ مروان بن سالم، قال أحمد‏:‏ ليس بثقة‏.‏

وقال النسائيُّ والدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ متروكٌ‏.‏

وأمَّا الثالث‏:‏ ففيه‏:‏ معقل، وهو مجهولٌ‏.‏

وأمَّا الرابع‏:‏ فمرسلٌ‏.‏

ز‏:‏ حديث مروان بن سالم القَرْقَسانيُّ‏:‏ رواه أبو أحمد بن عديٍّ عن عبدان عن يحيى بن يزيد والحسن بن الحارث، كلاهما عن أبي همَّام عنه، وقال‏:‏ عامَّة حديث مروان بن سالم مما لا يتابعه الثقات عليه‏.‏

وقال البيهقيُّ‏:‏ مروان بن سالم الجزريُّ ضعيفٌ، ضعَّفه أحمد بن حنبل والبخاريُّ وغيرهما، وهذا الحديث منكرٌ بهذا الإسناد‏.‏

وأمَّا حديث معقل عن عمرو‏:‏ فلم يخرِّجوه‏.‏

وقول المؤلِّف في معقل‏:‏ ‏(‏إنَّه مجهولٌ‏)‏ خطأ بيِّن، فإنَّ معقلاً مشهورٌ، وهو‏:‏ ابن عبيد الله الجزريُّ، وقد روى له مسلمٌ في ‏"‏ صحيحه ‏"‏، واختلفت الرواية فيه عن يحيى بن معين‏:‏ فمرَّة وثَّقه، ومرَّة ضعَّفه، وقد ذكره المؤلِّف في ‏"‏ الضعفاء ‏"‏ فقال‏:‏ معقل بن عبيد الله الجزريُّ، يروي عن عمرو بن دينار، قال يحيى‏:‏ ضعيفٌ‏.‏

لم يزد على هذا‏.‏

ومحمَّد بن يزيد- الراوي عن معقل- هو‏:‏ ابن سنان الجزريُّ، ابن أبي فروة، الرهاويُّ، قال أبو داود‏:‏ ليس بشيءٍ‏.‏

وقال النسائيُّ‏:‏ ليس بالقويِّ‏.‏

وقال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ ضعيفٌ‏.‏

وذكره ابن حِبَّان في كتاب ‏"‏الثقات‏"‏‏.‏

والصحيح أنَّ هذا الحديث موقوفٌ على ابن عبَّاس، كذلك رواه سفيان عن عمرو بن دينار عن جابر بن زيد عن عين- وهو عكرمة- عن ابن عبَّاس O‏.‏

مسألة ‏(‏768‏)‏‏:‏ لا يشرع عند الاصطياد والذبح الصلاة على النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏

وقال الشافعيُّ‏:‏ يستحب ذلك‏.‏

3123- وقد روى أصحابنا أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏موطنان لا حظَّ لي فيهما‏:‏ عند العطاس والذبح‏"‏‏.‏

ز‏:‏ 3124- قال الحاكم‏:‏ حدَّثنا أبو بكر أحمد بن إسحاق الفقيه أنا إسماعيل بن قتيبة ثنا يحيى بن يحيى أنا سليمان بن عيسى أخبرني عبد الرحيم بن زيد العَمِّيُّ عن أبيه قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏لا تذكروني عند ثلاثٍ‏:‏ عند تسمية الطعام، وعند الذبح، وعند العطاس‏"‏‏.‏

هذا منقطعٌ، وإسناده ساقطٌ، فإنَّ عبد الرحيم وأباه ضعيفان، وعبد الرحيم أشدُّهما ضعفًا‏.‏

وسليمان بن عيسى بن نجيح السِّجْزِيُّ‏:‏ يضع الحديث‏.‏

قاله ابن عَدِيٍّ وغيره، وكذَّبه أبو حاتم والجوزجانيُّ، ولو عرف يحيى بن يحيى حاله ما استجاز الرواية عنه، والله أعلم O‏.‏

مسائل الذبح

مسألة ‏(‏769‏)‏‏:‏ لا تجوز الذَّكاة بالسِّنِّ والظفر‏.‏

وقال أبو حنيفة‏:‏ تجوز بهما، إذا كانا منفصلين‏.‏

وعن مالك‏:‏ أنَّه يباح بالسِّنِّ والعظم‏.‏

لنا‏:‏ حديث رافع بن خديج‏:‏ ‏"‏ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه ‏[‏فكل‏]‏، ليس السنّ والظفر، وسأحدثك، أمَّا السنُّ‏:‏ فعظمٌ، وأمَّا الظفر‏:‏ فمدى الحبش‏"‏‏.‏

وقد سبق بإسناده‏.‏

مسألة ‏(‏770‏)‏‏:‏ يجزئ في الذَّكاة قطع الحلقوم والمريء‏.‏

وعنه‏:‏ لا يجزئ حتَى يقطع مع ذلك الودجين، وبه قال مالك‏.‏

فالحلقوم‏:‏ مجرى النفس، والمريء‏:‏ مجرى الطعام، والودجان‏:‏ عرقان محيطان بالحلقوم‏.‏

وقال أبو حنيفة‏:‏ يجزى قطع ثلاثة من الأربعة‏.‏

3125- قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ حدَّثنا محمَّد بن مخلد ثنا محمَّد بن سليمان الواسطيُّ ثنا سعيد بن سلام العطَّار ثنا عبد الله بن بُديل الخزاعيُّ عن الزهريِّ عن سعيد بن المسيَّب عن أبي هريرة قال‏:‏ بعث رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بُديل بن ورقاء الخزاعيَّ على جمل أورق، يصيح في فجاج منى‏:‏ ألا إنَّ الذَّكاة في الحلق واللبَّة‏.‏

ز‏:‏ هذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا، فإنَّ عبد الله بن بُديل‏:‏ ضعَّفه أبو بكر النيسابوريُّ والدَّارَقُطْنِيُّ، ووثَّقه ابن حِبَّان‏.‏

وسعيد بن سلام العطَّار‏:‏ أجمع الأئمة على ترك الاحتجاج بحديثه، وكذَّبه ابن نمير، وقال البخاريُّ‏:‏ يذكر بوضع الحديث‏.‏

وقال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ متروكٌ، يحدِّث بالبواطيل O‏.‏

مسألة ‏(‏771‏)‏‏:‏ لا تحلُّ ذبائح نصارى العرب‏.‏

وقال أبو حنيفة‏:‏ تحلُّ‏.‏

3126- روى أصحابنا من حديث ابن عبَّاس أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن ذبائح نصارى العرب‏.‏

ز‏:‏ هذا الحديث لا يثبت O‏.‏

3127- وقال سعيد بن منصور‏:‏ حدَّثنا هشيم عن يونس عن ابن سيرين عن عَبيدة السلمانيِّ عن عليٍّ عليه السلام قال‏:‏ لا تأكلوا من ذبائح نصارى بني تغلب، فإنَّهم لم يتمسَّكوا من النصرانيَّة بشيءٍ، إلا بشربهم الخمر‏.‏

مسألة ‏(‏772‏)‏‏:‏ إذا مات الجراد بغير سببٍ حلَّ أكله‏.‏

وقال مالكٌ‏:‏ لا يحلُّ إلا إذا مات بسبب، نحو أن يقطف رأسه، أو يقع في نار فيحترق‏.‏

3128- قال الإمام أحمد‏:‏ حدَّثنا سريج ثنا عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن زيد بن أسلم عن ابن عمر قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏أحلت لنا ميتتان ودمان، فأمَّا الميتتان‏:‏ فالحوت والجراد، وأمَّا الدمان‏:‏ فالكبد والطحال‏"‏‏.‏

قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ وقد رواه سليمان بن بلال عن زيد بن أمسلم عن ابن عمر موقوفًا، وهو أصحُّ‏.‏

ورواه المسور بن الصلت عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدريِّ عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولا يصحُّ، والمسور ضعيفٌ‏.‏

قال المصنِّف‏:‏ قلت‏:‏ المسور قد كذَّبه أحمد بن حنبل، وقال ابن حِبَّان‏:‏ يروي عن الثقات الموضوعات، لا يجوز الاحتجاج به‏.‏

ز‏:‏ حديث عبد الرحمن بن زيد‏:‏ رواه ابن ماجة عن أبي مصعب عنه‏.‏

وعبد الرحمن‏:‏ ضعَّفه جماعة من الأئمة‏.‏

وقد رواه الشافعيُّ عنه، ورواه الدَّارَقُطْنِيُّ عن المحامليِّ عن عليِّ بن مسلم عنه‏.‏

ورواه أيضًا عن محمَّد بن مخلد عن إبراهيم بن محمَّد العتيق عن مطرِّف عن عبد الله بن زيد بن أسلم عن أبيه‏.‏

وعبد الله‏:‏ وثَّقه بعض الأئمة، وضعَّفه بعضهم‏.‏

وقد رواه إسماعيل بن أبي أويس عن عبد الرحمن وعبد الله وأسامة بني زيد بن أسلم عن أبيهم مرفوعًا‏.‏

وقد روى عبَّاس الدوريُّ عن يحيى بن معين أنَّه قال‏:‏ بنو زيد بن أسلم ثلاثتهم حديثهم ليس بشيءٍ، ضعفاء ثلاثتهم‏.‏

وقال أبو حاتم‏:‏ سألت أحمد بن حنبل عن ولد زيد بن أسلم، أيهم أحبُّ إليك‏؟‏ قال‏:‏ أسامة‏.‏

قلت‏:‏ ثم من‏؟‏ قال‏:‏ عبد الله‏.‏

وقال البخاريُّ‏:‏ ضعَّف عليٌّ عبدَ الرحمن ابن زيد بن أسلم‏.‏

قال‏:‏ وأمَّا أخواه أسامة وعبد الله فذكر عنهما صحَّةً‏.‏

والصحيح في هذا الحديث ما رواه سليمان بن بلال- الثقة الثبت- عن زيد بن أسلم عن عبد الله بن عمر أنَّه قال‏:‏ أحلت لنا ميتتان‏.‏

وهو موقوفٌ في حكم المرفوع، والله أعلم‏.‏

3129- وقال الخطيب‏:‏ أخبرنا الحسن بن عليٍّ الجوهريُّ أنا أبو الحسن عليُّ بن محمَّد بن أحمد بن لؤلؤ الورَّاق ثنا ابن الحسن بن سليمان القطيعيُّ ثنا محمَّد بن مسكين ثنا يحيى بن حسَّان ثنا مسور بن الصلت- كتبت عنه ببغداد- عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نحو حديث قبله قال‏:‏ ‏"‏أحلَّ لنا من الميتة ميتتان، ومن الدم دمان‏:‏ الحيتان والجراد؛ والطحال والكبد‏"‏‏.‏

ومسور هو‏:‏ ابن الصلت بن ثابت بن وردان، أبو الحسن مولى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، من أهل المدينة، وقيل‏:‏ بل هو كوفيٌّ، قدم بغداد‏.‏

وقد ضعَّفه أيضًا البخاريُّ وأبو زرعة وأبو حاتم وغيرهم، وقال أبو حاتم‏:‏ ضعَّفه أحمد بن حنبل‏.‏

وقال النسائيُّ‏:‏ متروك الحديث‏.‏

والله أعلم O‏.‏

مسألة ‏(‏773‏)‏‏:‏ يحلُّ أكل السمك الطافي‏.‏

وقال أبو حنيفة‏:‏ لا يحلُّ‏.‏

3130- قال الإمام أحمد‏:‏ حدَّثنا حسن بن موسى ثنا زهير ثنا أبو الزبير عن جابر قال‏:‏ بعثنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأمَّر علينا أبا عبيدة، وزوَّدنا جرابًا من تمر، لم يجد لنا غيره، فكان أبو عبيدة يعطينا تمرة تمرة، فرفع لنا على سعاحل البحر على هيئة الكثيب الضخم، فإذا هو دابة تدعى العنبر، فأكلنا منها حتَّى سمنا، فلمَّا قدمنا أتينا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فذكرنا ذلك له، فقال‏:‏ ‏"‏هل معكم من لحمه شيء فتطعمونا‏؟‏‏"‏‏.‏

فأرسلنا إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأكله‏.‏

أخرجه مسلمٌ في ‏"‏صحيحه‏"‏‏.‏

احتجُّوا بحديث، وله ثلاث طرق‏:‏ 3131- الطريق الأوَّل‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ حدَّثنا يعقوب بن إبراهيم البزَّاز ثنا الحسن بن عرفة ثنا إسماعيل بن عيَّاش عن عبد العزيز بن عبيد الله عن وهب بن كيسان عن جابر بن عبد الله عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏كلوا ما حسر عنه البحر، وما ألقى، وما وجدتموه ميِّتًا أو طافيًا فوق الماء فلا تأكلوه‏"‏‏.‏

قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ تفرَّد به عبد العزيز عن وهب، وعبد العزيز ضعيفٌ لا يحتجُّ به‏.‏

وقال أحمد‏:‏ هو ضعيفٌ، والحديث ليس بصحيحٍ‏.‏

وقال النسائيُّ‏:‏ هو متروكٌ‏.‏

3132- الطريق الثاني‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ وحدَّثنا أبو بكر النيسابوريُّ ثنا محمَّد بن عليٍّ الكوفيُّ ثنا أبو أحمد الزبيريُّ ثنا سفيان الثوريُّ عن أبي الزبير عن جابر عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏إذا طفا فلا تأكله، وإذا جهر عنه فكله، وما كان على حافتيه فكله‏"‏‏.‏

قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ لم يسنده عن الثوريِّ غير أبي أحمد، ورواه وكيع وعبد الرزَّاق ومؤمَّل وغيرهم عن الثوريِّ موقوفًا‏.‏

وكذلك رواه أيُّوب السَّختيانيُّ وعبيد الله بن عمر وابن جريج وزهير وحمَّاد بن سلمة وغيرهم عن أبي الزبير موقوقًا‏.‏

ولا يصحُّ رفعه‏.‏

ز‏:‏ رواه الطبرانيُّ عن عليِّ بن إسحاق الأصبهانيِّ عن نصر بن عليٍّ عن أبي أحمد، وقال‏:‏ لم يرفع هذا الحديث عن سفيان إلا أبو أحمد‏.‏

وقال البيهقيُّ‏:‏ هو واهمٌ فيه O‏.‏

3133- الطريق الثالث‏:‏ قال أبو داود‏:‏ حدَّثنا أحمد بن عبدة ثنا يحيى بن سليم الطائفيُّ ثنا إسماعيل بن أميَّة عن أبي الزبير عن جابر قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ما ألقى البحر، أو جزر عنه، فكلوه‏:‏ وما مات فيه وطفا، فلا تأكلوه‏"‏‏.‏

وفي هذه الطريق‏:‏ إسماعيل بن أميَّة، وهو متروكٌ‏.‏

قال أبو داود‏:‏ وقد رواه سفيان وأيُوب وحمَّاد عن أبي الزبير، فوقفوه على جابر‏.‏

ز‏:‏ رواه ابن ماجة عن أحمد بن عبدة‏.‏

وقال البيهقيُّ‏:‏ يحيى بن سليم الطائفيُّ كثير الوهم، سيء الحفظ، وقد رواه غيره عن إسماعيل بن أميَّة موقوفًا‏.‏

وقال غيره‏:‏ رواه إسحاق بن عبد الواحد الموصليُّ عن يحيى بن سليم عن إسماعيل بن أميَّة عن نافع عن ابن عمر عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏

وقول المؤلف في إسماعيل بن أميَّة‏:‏ ‏(‏هو متروكٌ‏)‏ وهمٌ فاحشٌ، فإنَّه مجمعٌ على ثقته‏!‏ وهو إسماعيل بن أميَّة القرشيُّ، الأمويُّ، المكيُّ، ابن عم أيُّوب بن موسى، وقد روى له البخاريُّ ومسلمٌ في ‏"‏صحيحيهما‏"‏‏.‏

وأمَّا المتروك‏:‏ فآخر غيره، وليس هو في طبقته، والله أعلم‏.‏

وقال أبو زكريا النوويُّ‏:‏ وأما الحديث المروي عن جابر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ما طفاه البحر أو جزر عنه، فكلوه‏؟‏ وما مات فيه فطفا، فلا تأكلوه ‏"‏ فحديثٌ ضعيفٌ باتفاق أئمة الحديث‏.‏

3134- وقد روى الترمذيُّ عن الحسين بن يزيد عن حفص بن غياث عن ابن أبي ذئب عن أبي الزبير عن جابر عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏ما اصطدتموه وهو حيٌّ فكلوه، وما وجدتم ميِّتًا طافيًا فلا تأكلوه‏"‏‏.‏

قال أبو عيسى‏:‏ سألت محمَّدا عن هذا الحديث، فقال‏:‏ ليس هذا بمحفوظ، ويروى عن جابر خلاف هذا، ولا أعرف لابن أبي ذئب عن أبي الزبير شيئًا‏.‏

وقال أبو داود‏:‏ وقد أسند هذا الحديث أيضًا من وجه آخر ضعيف عن ابن أبي ذئب عن أبي الزبير عن جابر عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏

ومراده هذا الذي ذكره الترمذيُّ‏.‏

قال البيهقيُّ‏:‏ وقد رواه أيضًا يحيى بن أبي أنيسة عن أبي الزبير مرفوعًا، ويحيى متروكٌ، لا يحتجُّ به‏.‏

ورواه بقيَّة بن الوليد عن الأوزاعيِّ عن أبي الزبير عن جابر مرفوعًا، ولا يحتجُّ بما ينفرد به بقيَّة، فكيف بما يخالف فيه‏؟‏‏!‏ وقول الجماعة من الصحابة على خلاف قول جابر، مع ما روينا عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّه قال في البحر‏:‏ ‏"‏هو الطهور ماؤه، الحلُّ ميتته‏"‏‏.‏

وبالله التوفيق O‏.‏

مسألة ‏(‏774‏)‏‏:‏ الجنين يتذَّكى بذكاة أمِّه‏.‏

وقال أبو حنيفة‏:‏ لا يتذكَّى‏.‏

وقال مالكٌ كقولنا إن خرج وقد كمل خلقه ونبت شعره، وكقولهم إن لم يكن كذلك‏.‏

لنا حديثان‏:‏ 3135- الحديث الأوَّل‏:‏ قال الإمام أحمد‏:‏ حدَّثنا أبو عبيدة ثنا يونس ابن أبي إسحاق عن أبي الودَّاك جبر بن نوف عن أبي سعيد الخدريِّ قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ذكاة الجنين ذكاة أمِّه ‏"‏ ز‏:‏ رواه ابن حِبَّان البستيُّ عن محمَّد بن إسحاق الثقفيِّ عن عليِّ بن أنس العسكريِّ عن أبي عبيدة الحدَّاد O‏.‏

3136- طريق آخر‏:‏ قال أحمد‏:‏ وحدَّثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة ثنا مجالد عن أبي الودَّاك عن أبي سعيد الخدريِّ قال‏:‏ سألنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الجنين يكون في بطن الناقة، أو البقرة، أو الشاة، فقال‏:‏ ‏"‏كلوه إن شئتم، فإنَّ ذكاته ذكاة أمِّه‏"‏‏.‏

ز‏:‏ رواه أبو داود عن القَعنبيِّ عن ابن المبارك، وعن مسدَّد عن هشيم‏.‏

ورواه الترمذيُّ عن بندار عن يحيى، وعن سفيان بن وكيع عن حفص ابن غياث‏.‏

ورواه ابن ماجة عن أبي كريب عن ابن المبارك وأبي خالد الأحمر وعبدة ابن سليمان‏.‏

كلّهم عن مجالد به‏.‏

وقال الترمذيُّ‏:‏ حديثٌ حسنٌ O‏.‏

3137- الحديث الثاني‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ حدَّثنا محمَّد بن حمدويه المروزيُّ ثنا معمر بن محمَّد البلخيُّ ثنا عصام بن يوسف ثنا مبارك بن مجاهد عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أنَّ رسؤل الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال في الجنين‏:‏ ‏"‏ذكاته ذكاة أمِّه، أشعر أو لم يشعر‏"‏‏.‏

قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ الصواب أنَّه من قول ابن عمر‏.‏

ز‏:‏ مبارك بن مجاهد‏:‏ تكلَّم فيه غير واحد من الأئمة، قال ابن أبي حاتم‏:‏ سألت أبي عنه، فقال‏:‏ ما أرى بحديثه بأسًا، وكان قتيبة بن سعيد ضعَّفه جدًّا، وقال‏:‏ كان قدريًّا‏.‏

وقال ابن حِبَّان‏:‏ هو منكر الحديث، ممن ينفرد عن الثقات بما لا يشبه حديث الأثبات، لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد‏.‏

3138- وقال الطبرانيُّ‏:‏ ثنا أحمد بن يحيى الأنطاكيُّ قُرقُرة ثنا عبد الله ابن نصر الأنطاكيُّ ثنا أبو أسامة عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ذكاة الجنين ذكاة أمِّه ‏"‏ قال الطبرانيُّ‏:‏ لم يروه موفوعًا عن عبيد الله إلا أبو أسامة، تفرَّد به عبد الله بن نصر‏.‏

وقد رواه أبو بكر بن أبي داود عن عبد الله بن نصر‏.‏

وسُئل عنه الدَّارَقُطْنِيُّ، فقال‏:‏ اختلف في رفعه على نافع‏:‏ فرواه محمَّد بن إسحاق واختلف عنه‏:‏ فرواه محمَّد بن الحسن- هو المزنيُّ الواسطيُّ- عن محمَّد بن إسحاق عن نافع عن ابن عمر موفوعًا‏.‏

وخالفه ابن عيينة وهشيم وعليُّ بن مسهر عن ابن إسحاق، فقالوا‏:‏ عن نافع عن ابن عمر موقوفًا‏.‏

واختلف عن عبيد الله بن عمر‏:‏ فقال عبد الله بن نصر الأنطاكيُّ‏.‏

عن أبي أسامة عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر ‏[‏مرفوعًا‏]‏، وتابعه مبارك بن مجاهد عن عبيد الله فرفعه أيضًا‏.‏

وغيرهما يرويه عن عبيد الله موقوفًا‏.‏

ورواه مالك بن أنس، واختلف عنه‏:‏ فرواه أحمد بن عصام الموصليُّ- وهو ليس بثقةٍ- عن مالك عن نافع عن ابن عمر عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏

وخالفه أصحاب ‏"‏ الموطأ ‏"‏ فرووه عن مالك عن نافع عن ابن عمر قوله، وهو الصواب عن مالك‏.‏

ورواه أيُّوب بن موسى عن نافع عن ابن عمر عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حدَّث به محمَّد بن مسلم الطائفيُّ عنه‏.‏

ورفعه يزيد بن عياض وخصيف عن نافع عن ابن عمر أيضًا‏.‏

ورواه أيُّوب السَّختيانيُّ وابن جريج ومالك بن مغول وعليُّ بن ثابت الأنصاريُّ عن نافع عن ابن عمر موقوفًا، وهو الصحيح O‏.‏

مسألة ‏(‏775‏)‏‏:‏ السنَّة نحر الإبل، فإن ذبحها جاز‏.‏

وقال داود‏:‏ لا يجوز‏.‏

وعن مالك كالمذهبين‏.‏

لنا‏:‏ قوله‏:‏ ‏"‏لا ذكاة إلا في الحلق واللبَّة‏"‏‏.‏

وقد سبق مسندًا‏.‏

مسألة ‏(‏776‏)‏‏:‏ يحلُّ أكل الضبع، وفي الثعلب روايتان‏.‏

وقال أبو حنيفة‏:‏ لا يحلُّ أكلهما‏.‏

3139- قال الترمذيُّ‏:‏ حدَّثنا أحمد بن منيع ثنا إسماعيل بن إبراهيم ثنا ابن جريج عن عبد الله بن عبيد بن عمير عن ابن أبي عمَّار قال‏:‏ قلت لجابر‏:‏ الضبع صيدٌ هي‏؟‏ قال‏:‏ نعم‏.‏

قلت‏:‏ فنأكلها‏؟‏ قال‏:‏ نعم‏.‏

قلت‏:‏ أقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏؟‏ قال‏:‏ نعم‏.‏

قال الترمذيُّ‏:‏ هذا حديثٌ صحيحٌ‏.‏

ز‏:‏ رواه باقي أصحاب ‏"‏ السنن ‏"‏ من حديث عبد الله بن عبيد، وصحَّحه البخاريُّ‏.‏

وقال البيهقيُّ‏:‏ هو حديثٌ جيِّد، تقوم به الحجَّة O‏.‏

مسألة ‏(‏777‏)‏‏:‏ يحلُّ أكل الضبِّ، وفي اليربوع روايتان‏.‏

وقال أبو حنيفة‏:‏ لا يحلُّ‏.‏

لنا حديثان‏:‏ 3140- الحديث الأوَّل‏:‏ قال الإمام أحمد‏:‏ حدَّثنا عتَّاب ثنا عبد الله- يعني ابن المبارك- ثنا يونس عن الزهريِّ قال‏:‏ أخبرني أبو أمامة بن سهل بن حنيف أنَّ ابن عبَّاس أخبره أنَّ خالد بن الوليد أخبره أنَّه دخل مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على ميمونة، فوجد عندها ضبًّا محنوذا، فقدمت الضبَّ لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأهوى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يده إلى الضبِ، فقالت امرأة من النسوة الحضور‏:‏ أخبرن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما قدمتن إليه‏.‏

قلن‏:‏ هو الضبُّ‏.‏

فرقع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يده، فقال خالدٌ‏:‏ أحرامٌ الضبُّ، يا رسول الله‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏لا، ولكن لم يكن بأرض قومي، فأجدني أعافه‏"‏‏.‏

قال خالدٌ‏:‏ فاجتررته، فأكلته، ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ينظر إليَّ، فلم ينهني‏.‏

أخرجاه‏.‏

3141- الحديث الثاني‏:‏ قال أحمد‏:‏ وحدَّثنا محمَّد بن جعفر ثنا سعيد عن قتادة عن سليمان عن جابر بن عبد الله أنَّ عمر بن الخطَّاب قال‏:‏ إنَّ نبيَّ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يحرِّم الضبَّ، ولكنَّه قذره‏.‏

ز‏:‏ رواه ابن ماجة عن يحيى بن خلف عن عبد الأعلى عن سعيد‏.‏

ورواه مسلمٌ من رواية معقل عن أبي الزبير عن جابر عن عمر بنحوه O‏.‏

مسألة ‏(‏778‏)‏‏:‏ يحلُّ أكل لحوم الخيل‏.‏

وقال أبو حنيفة‏:‏ لا يحلُّ‏.‏

لنا حديثان‏:‏ 3142- الحديث الأوَّل‏:‏ قال الإمام أحمد‏:‏ حدَّثنا عفَّان ثنا حمَّاد بن زيد ثنا عمرو بن دينار عن محمَّد بن عليِّ عن جابر أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى يوم خيبر عن لحوم الحمر، وأذن في لحوم الخيل‏.‏

3143- الحديث الثاني‏:‏ قال أحمد‏:‏ وحدَّثنا أبو معاوية ثنا هشام بن عروة عن فاطمة بنت المنذر عن أسماء قالت‏:‏ نحرنا في عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فرسًا فأكلناه‏.‏

الحديثان في ‏"‏ الصحيحين‏"‏‏.‏

احتجُّوا‏:‏ 3144- بما رواه الإمام أحمد، قال‏:‏ حدَّثنا أحمد بن عبد الملك ثنا محمَّد ابن حرب ثنا سليمان بن سليم عن صالح بن يحيى بن المقدام عن جدِّه المقدام بن معد يكرب عن خالد بن الوليد عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّه قال‏:‏ ‏"‏حرام عليكم لحوم الحمر الأهليَة وخيلها‏"‏‏.‏

3145- قال أحمد‏:‏ وحدَّثنا يزيد بن عبد ربِّه ثنا بقيَّة بن الوليد ثنا ثور ابن يزيد عن صالح بن يحيى بن المقدام عن أبيه عن جدِّه عن خالد بن الوليد قال‏:‏ نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن أكل لحوم الخيل والبغال والحمير‏.‏

والجواب‏:‏ قال أحمد‏:‏ هذا حديثٌ منكرٌ‏.‏

وقال موسى بن هارون الحافظ‏:‏ لا نعرف صالح بن يحيى ولا أبوه إلا بجدِّه‏.‏

قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ وهذا حديثٌ ضعيفٌ‏.‏

قال المصنِّف‏:‏ قلت‏:‏ وفي بعض ألفاظ هذا الحديث أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حرَّمها يوم خيبر، قال الواقديُّ‏:‏ إنَّما أسلم خالد بعد خيبر‏.‏

ثم نحمله على الإشفاق عليها من جهة الجهاد‏.‏

ز‏:‏ حديث خالد‏:‏ رواه أبو داود والنسائيُّ وابن ماجة من رواية بقيَّة‏.‏

وقال أبو داود‏:‏ هذا منسوخٌ‏.‏

وقال النسائيُّ‏:‏ لا أعلمه رواه غير بقيَّة، والذي قبله- يعني‏:‏ حديث جابر في أكل لحوم الخيل- أصحُّ من هذا، ويشبه- إن كان هذا الحديث صحيحًا- أن يكون منسوخًا، لأنَّ قوله‏:‏ ‏(‏أذن في لحوم الخيل‏)‏ دليلٌ على ذلك‏.‏

وقال البيهقيُّ‏:‏ إسناده مضطربٌ، ومع اضطرابه مخالفٌ لحديث الثقات‏.‏

وقد تابع بقيَّة على رواية هذا الحديث الواقديُّ ومحمَّد بن حمير عن ثور، فقال‏:‏ عن صالح سمع جدَّه‏.‏

وقال الواقديُّ‏:‏ عن أبيه عن جدِّه‏.‏

ورواه عمر بن هارون البلخيُّ عن ثور عن يحيى بن المقدام عن أبيه عن خالد‏.‏

وقد رواه عن صالح‏:‏ سليمان بن سليم، وهو ثقةٌ‏.‏

وصالح بن يحيى بن المقدام‏:‏ روى عنه جماعة من الحمصيين، وقال البخاريُّ‏:‏ فيه نظرٌ‏.‏

وذكره ابن حِبَّان في كتاب ‏"‏ الثقات‏"‏، وقال‏:‏ يخطئ O‏.‏

مسألة ‏(‏779‏)‏‏:‏ يحرم أكل البغال والحمر الأهليَّة‏.‏

وقال مالكٌ‏:‏ لا يحرم، بل يكره‏.‏

لنا ثمانية أحاديث‏:‏ الحديث الأوَّل‏:‏ حديث خالد المتقدِّم‏.‏

ز‏:‏ العجب من المؤلِّف، كيف يحتجُّ بحديث خالد بعد فراغه من تضعيفه‏؟‏‏!‏ O‏.‏

3146- الحديث الثاني‏:‏ قال البخاريُّ‏:‏ حدَّثنا إسحاق ثنا يعقوب بن إبراهيم ثنا أبي عن صالح عن ابن شهاب أنَّ أبا إد يس أخبره أنَّ أبا ثعلبة قال‏:‏ حرَّم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لحوم الحمر الأهليَّة‏.‏

أخوجاه في ‏"‏ الصحيحين‏"‏‏.‏

3147- طريق آخر‏:‏ قال الإمام أحمد‏:‏ حدَّثنا زكريا بن عديٍّ ثنا بقيَّة عن بحير بن سعد عن خالد بن معدان عن جبير بن نفير عن أبي ثعلبة قال‏:‏ غزوت مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خيبر، فأصبنا بها حمرًا من الحمر الإنسيَّة، فذبحناها، فأُخبر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأمر عبد الرحمن بن عوف فنادى في الناس‏:‏ أنَّ الحمر الأهلية لا تحلُّ لمن شهد أنِّي رسول الله‏.‏

ز‏:‏ رواه النسائيُّ عن عمرو بن عثمان عن بقيَّة بنحوه‏.‏

ورواية بقيَّة عن بحير حسنةٌ أو صحيحةٌ، سواء صرَّح بالتحديث أو لم يصرِّح O‏.‏

3148- الحديث الثالث‏:‏ قال أحمد‏:‏ وحدَّثنا معاوية بن عمرو ثنا زائدة ثنا محمَّد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حرَّم يوم خيبر كلَّ ذي نابٍ من السباع، والحمار الإنسيَّ‏.‏

ز‏:‏ رواه الترمذيُّ عن أبي كريب عن سفيان عن عليٍّ الجعفيِّ عن زائدة، وقال‏:‏ حديثٌ حسنٌ صحيحٌ O‏.‏

3149- الحديث الرابع‏:‏ قال أحمد‏:‏ وحدَّثنا هاشم بن القاسم ثنا عكومة بن عمَّار عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن جابر قال‏:‏ حرَّم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الحمر الإنسيَّة، ولحوم الثعالب، وكلَّ ذي نابٍ من السباع، وكلَّ ذي مخلبٍ من الطير‏.‏

ز‏:‏ كذا فيه‏.‏

‏(‏ولحوم الثعالب‏)‏ وهو خطأ، والصواب‏:‏ ‏(‏ولحوم البغال‏)‏‏.‏

وقد رواه الترمذيُّ عن محمود بن غيلان عن أبي النضر هاشم، وقال‏:‏ حديثٌ حسنٌ غريبٌ O‏.‏

3150- الحديث الخامس‏:‏ قال أحمد‏:‏ وحدَّثنا عبد الصمد قال‏:‏ حدَّثني أبي عن أبي إسحاق قال‏:‏ حدَّثني عبد الله بن عمرو بن ضمرة الفزاريُّ عن عبد الله بن أبي سليط عن أبيه أبي سليط قال‏:‏ أتانا نهي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن كل الحمر الإنسيَّة والقدور تفور بها، فكفأناها على وجوهها‏.‏

ز‏:‏ كذا فيه‏:‏ ‏(‏عن أبي إسحاق‏)‏ وهو خطأٌ، والصواب‏:‏ ‏(‏عن ابن إسحاق‏)‏ وهو الإمام المشهور‏.‏

وهذا الإسناد لم يخرِّجه أحدٌ من أئمة ‏"‏ الكتب السِّتَّة‏"‏، وفيه من تجهل حاله، والله أعلم O‏.‏

3151- الحديث السادس‏:‏ قال أحمد‏:‏ وحدَّثنا هاشم ثنا شعبة عن أبي إسحاق عن البراء بن عازب قال‏:‏ أصبنا يوم خيبر حمرًا، فنادى منادي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ أن اكفئوا القدور‏.‏

أخرجاه في ‏"‏ الصحيحين‏"‏‏.‏

ز‏:‏ رواه مسلمٌ وحده من حديث شعبة عن أبي إسحاق‏.‏

وأخرجاه من حديث شعبة ‏[‏عن‏]‏ عدي بن ثابت عن البراء وابن أبي أوفى O‏.‏

3152- الحديث السابع‏:‏ قال الترمذيُّ‏:‏ حدَّثنا قتيبة ثنا سفيان عن عمرو بن دينار عن جابر قال‏:‏ أطعمَنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لحوم الخيل، ونهانا عن لحوم الحمر‏.‏

هذا حديثٌ صحيحٌ، وقد ذكرناه آنفا عن عمرو عن محمَّد بن عليٍّ عن جابرٍ‏.‏

قال البخاريُّ‏:‏ سفيان بن دمِنة أحفظ من حمَّاد بن زيد‏.‏

ز‏:‏ رواه النسائيُّ عن قتيبة‏.‏

وقال الترمذيُّ‏:‏ حديثٌ حسنٌ صحيحٌ، وهكذا روى غير واحد عن عمرو، وروى حمَّاد بن زيد عن عمرو عن محمَّد بن عليٍّ عن جابرٍ، ورواية ابن عيينة أصحُّ‏.‏

وسمعت محمَّدًا يقول‏:‏ ابن عيينة أحفظ من حمَّاد بن زيد‏.‏

كذا حكى الترمذيُّ عن البخاريِّ، ولم يروه البخاريُّ من حديث ابن عيينة، إنَّما رواه هو ومسلمٌ من حديث حمَّاد‏.‏

وقال النسائيُّ‏:‏ ما أعلم أحدًا وافق حمَّاد بن زيد على‏:‏ ‏(‏محمَّد بن عليٍّ‏)‏‏.‏

وقد رواه أبو داود من رواية ابن جريج عن عمرو بن دينار قال‏:‏ أخبرني رجلٌ عن جابر به، ولم يسمِّه O‏.‏

3153- الحديث الثامن‏:‏ قال النسائيُّ‏:‏ أخبرنا محمَّد بن عبيد الله ابن يزيد ثنا سفيان عن أيُّوب عن محمَّد عن أنس قال‏:‏ أتانا منادي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال‏:‏ إنَّ الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر، فإنَّها رجسٌ‏.‏

ز‏:‏ هذا الحديث مخرَّجٌ في ‏"‏ الصحيح ‏"‏ من حديث سفيان، والله أعلم O‏.‏

مسألة ‏(‏780‏)‏‏:‏ كلُّ حيوان له ناب يعدو به على الناس ويتقوَّى به، كالأسد والذئب والنمر والفهد فحرامٌ أكله، وكذلك ما له مخلبٌ من الطير، كالبازي والشاهين والعقاب‏.‏

وقال مالكٌ‏:‏ يكره ولا يحرم‏.‏

لنا أحاديث‏:‏ منها‏:‏ ما قد تقدَّم‏.‏

3154- وقال الإمام أحمد‏:‏ حدَّثنا معاوية بن عمرو ثنا زائدة ثنا محمَّد ابن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حرَّم يوم خيبر‏:‏ كلَّ ذي نابٍ من السباع، والمجثمة، والحمار الإنسيَّ‏.‏

ز‏:‏ هذا الحديث رواه الترمذيُّ وصحَّحه، وقد تقدَّم أيضًا O‏.‏

3155- قال أحمد‏:‏ وحدَّثنا يونس ثنا أبو عوانة عن أبي بشر عن ميمون ابن مهران عن ابن عبَّاس قال‏:‏ نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن كلِّ ذي نابٍ من السبع، وعن كلِّ ذي مخلبٍ من الطير‏.‏

ز‏:‏ رواه مسلمٌ من رواية أبي بشر وغيره عن ميمون‏.‏

وقد روي عن ميمون عن سعيد بن جبير عن ابن عبَّاس‏.‏

قال الخطيب‏:‏ والصحيح في هذا‏:‏ عن ميمون عن ابن عبَّاس، ليس بينهما‏:‏ سعيد بن جبير O‏.‏

3156- وقال عبد الله بن أحمد‏:‏ حدَّثني محمَّد بن يحيى ثنا عبد الصمد قال‏:‏ حدَّثني أبي ثنا حسين بن ذكران عن حبيب بن أبي ثابت عن عاصم بن ضمرة عن عليٍّ أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن‏:‏ كلِّ ذي نابٍ من السبع، وذي مخلبٍ من الطير، وعن لحم الحمر الأهليَة، وعن عسب الفحل‏.‏

ز‏:‏ كذا فيه‏:‏ ‏(‏حسين بن ذكوان‏)‏ وهو خطأٌ، والصواب‏:‏ حسن بن ذكوان‏.‏

ولم يخرِّج هذا الحديث أحدٌ من أصحاب ‏"‏ الكتب السِّتَّة‏"‏، ورواه أبو يعلى الموصليُّ عن أبي خيثمة عن عبد الصمد بن عبد الوارث عن أبيه عن الحسن ابن ذكوان عن حبيب‏.‏

وقد قال يحيى بن معين‏:‏ الحسن بن ذكوان لم يسمع من حبيب بن أبي ثابت شيئًا، إنَّما سمع من عمرو بن خالد عنه، وعمرو بن خالد لا يسوى حديثه شيئًا، إنَّما هو كذَّابٌ‏.‏

وقال العقيليُّ‏:‏ حدَّثني الخضر بن داود ثنا أحمد بن محمَّد بن هانئ قال‏:‏ قلت لأبي عبد الله‏:‏ الحسن بن ذكوان ما تقول فيه‏؟‏ فقال‏:‏ أحاديثه بواطيل، يروي عن حبيب بن أبي ثابت‏؟‏ فقلت له‏:‏ نعم، عنده غير حديث عجيب عن عاصم بن ضمرة عن عليٍّ في‏:‏ المسألة، وعسب الفحل‏.‏

فقال أبو عبد الله‏:‏ هو لم يسمع من حبيب بن أبي ثابت، إنَّما هذه أحاديث عمرو بن خالد الواسطيِّ‏.‏

وقال عليُّ بن المدينيِّ‏:‏ لم يرو حبيب بن أبي ثابت عن عاصم بن ضمرة إلا حديثًا واحدًا‏.‏

وقال أبو حاتم‏:‏ لا يثبت لحبيب رواية عن عاصم‏.‏

وقال ابن مهديٍّ عن سفيان الثوريِّ‏:‏ حبيب لم يرو عن عاصم بن ضمرة شيئًا قط‏.‏

وقد اختلف الأئمة في توثيق عاصم بن ضمرة، والله أعلم O‏.‏

3157- وقال مسلم بن الحجَّاج‏:‏ حدَّثني زهير بن حرب ثنا عبد الرحمن ابن مهديٍّ عن مالك عن إسماعيل بن أبي حكيم عن عبيدة بن سفيان عن أبي هريرة عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏كلُّ ذي ناب من السباع فأكله حرامٌ‏"‏‏.‏

انفرد بإخراجه مسلمٌ‏.‏

مسألة ‏(‏781‏)‏‏:‏ المستخبث من الطير لا يحلُّ أكله، كالنسر، والرخم، والغراب الأبقع، والغراب الأسود الكبير‏.‏

وقال مالكٌ‏:‏ يحلُّ‏.‏

لنا‏:‏ قوله عليه السلام‏:‏ ‏"‏خمسٌ لا جناح على من قتلهن‏.‏

‏"‏ فذكر منهن الغراب‏.‏

وقد ذكرناه بإسناده في كتاب الحجِّ، وما يحلُّ قتله لا يحلُّ أكله‏.‏

مسألة ‏(‏782‏)‏‏:‏ يحرم أكل القنفذ وابن عرس‏.‏

وقال مالكٌ والشافعيُّ‏:‏ لا يحرم‏.‏

3158- قال سعيد بن منصور‏:‏ حدَّثنا عبد العزيز بن محمَّد قال‏:‏ حدَّثني عيسى بن نميلة الفزاريُّ عن أبيه قال‏:‏ كنت عند ابن عمر فسأله رجلٌ عن كل القنفذ، فقال شيخٌ عنده‏:‏ سمعت أبا هريرة يقول‏:‏ ذُكر عند رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال‏:‏ ‏"‏خبيثةٌ من الخبائث‏"‏‏.‏

فقال ابن عمر‏:‏ إن كان رسول الله قاله، فهو كما قاله‏.‏

ز‏:‏ رواه الإمام أحمد عن سعيد، ورواه أبو داود عن أبي ثور عن سعيد‏.‏

وقال البيهقيُّ‏:‏ هذا حديثٌ لم يرو إلا بهذا الإسناد، وهو إسنادٌ فيه ضعفٌ‏.‏

وعيسى‏:‏ ذكره ابن حِبَّان في كتاب ‏"‏ الثقات ‏"‏، وهو ابن نميلة- بالنون-، وضبطه بعضهم بالتاء، وهو خطأٌ، والله أعلم O‏.‏

مسألة ‏(‏783‏)‏‏:‏ كلُّ ما يعيش في البحر يحلُّ أكله، إلا الضفدع والتمساح والكوسج‏.‏

وقال أبو حنيفة‏:‏ لا يحلُّّ إلا السمك‏.‏

‏"‏وقال مالكٌ‏:‏ يحلُّ أكلُّه‏.‏

لنا أربعة أحاديث‏:‏ الحديث الأوَّل‏:‏ قوله عليه السلام‏:‏ ‏"‏الحلُّ ميتته‏"‏‏.‏

وقد ذكرناه بإسناده في أوَّل كتاب الطهارة‏.‏

3159- الحديث الثاني‏:‏ قال الإمام أحمد‏:‏ حدَّثنا يزيد أنا ابن أبي ذئب عن سعيد بن خالد عن سعيد بن المسيَّب عن عبد الرحمن بن عثمان قال‏:‏ ذكر طبيبٌ عند رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دواء، وذكر الضفدع يجعل فيه، فنهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن قتل الضفدع‏.‏

ز‏:‏ رواه أبو داود والنسائيُّ من حديث ابن أبي ذئب‏.‏

وقال البيهقيُّ‏:‏ هو أقوى ما ورد في الضفدع‏.‏

وسعيد بن خالد، هو‏:‏ القارظيُّ، وقد ضعَّفه النسائيُّ، ووثَّقه ابن حِبَّان، وقال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ مدنيٌّ يحتجُّ به O‏.‏

3160- الحديث الثالث‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ حدَّثنا محمَّد بن عبدويه ثنا عبد الله بن روح ثنا شبابة ثنا حمزة عن عمرو بن دينار عن جابر قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ما من دابة في البحر إلا قد ذكَّاها الله عز وجلَّ لبني آدم‏"‏‏.‏

ز‏:‏ هذا الحديث لم يخرِّجوه‏.‏

وحمزة هو‏:‏ ابن أبي حمزة الجعفيُّ، وقد أجمعوا على ترك الاحتجاج به، واتهمه غير واحد من الأئمة بالوضع O‏.‏

3161- الحديث الرابع‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ وحدَّثنا عبد الله بن أحمد بن ثابت ثنا سعدان بن نصر ثنا فهير بن زياد عن إبراهيم بن يزيد الخوزيِّ عن عمرو ابن دينار عن عبد الله بن سرجس قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ذبح كلِّ ذي نون في البحر لبني آدم‏"‏‏.‏

ز‏:‏ هذا أيضًا لم يخرِّجوه‏.‏

وإيراهيم بن يزيد الخوزيُّ‏:‏ لا يحتجُّ به، قال الإمام أحمد والنسائيُّ وغيرهما‏:‏ هو متروك الحديث‏.‏

وقال ابن معين‏:‏ ليس بثقة‏.‏

وقال أبو زرعة وأبو حاتم‏:‏ منكر الحديث، ضعيف الحديث‏.‏

وشيخ الدَّارَقُطْنِيُّ هو‏:‏ عبد الله بن أحمد بن ثابت، أبو القاسم، البزَّار، وهو ثقةٌ، ووجدته في النسختين مصغرًا، وهو خطأٌ‏.‏

3162- وقد روى البيهقيُّ بإسناد ضعيفٍ عن حذيفة مرفوعًا‏:‏ ‏"‏إنَّ الله ذكَّى لكم صيد البحر‏"‏‏.‏

3163- وروى الدَّارَقُطْنِيُّ بإسناده عن عكرمة عن ابن عبَّاس قال‏:‏ سمعت أبا بكر رضي الله عنه يقول‏:‏ إنَّ الله ذبح لكم ما في البحر فكلوه كلَّه، فإنَّه ذكيٌّ‏.‏

3164- وقد روى حمَّاد بن سلمة عن عمرو بن دينار قال‏:‏ سمعت شيخًا يكنى أبا عبد الرحمن قال‏:‏ سمعت أبا بكر الصدِّيق رضي الله عنه يقول‏:‏ ما في البحر من شيءٍ إلا قد ذكَّاه الله لكم‏.‏

3165- وروي عن عمرو وأبي الزبير سمعا شريحًا- رجلاً أدرك النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال‏:‏ كلُّ، شيءٍ في البحر مذبوحٌ O‏.‏

مسألة ‏(‏784‏)‏‏:‏ يحرم أكل الجلالة وبيضها ولبنها ما لم تحبس، فإن كان طائرًا‏:‏ فثلاثة أيام؛ وإن كان من بهيمة الأنعام‏:‏ فأربعين في رواية، وثلاثًا في رواية؛ والبقر‏:‏ تحبس ثلاثين؛ والغنم‏:‏ سبعة؛ والدجاج‏:‏ ثلاثة‏.‏

وقال أكثرهم‏:‏ لا يحرم‏.‏

لنا ثلاثة أحاديث‏:‏ 3166- الحديث الأوَّل‏:‏ قال الإمام أحمد‏:‏ حدَّثنا يحيى عن هشام قال‏:‏ حدَّثني قتادة عن عكرمة عن ابن عبَّاس قال‏:‏ نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن لبن الشاة الجلالة‏.‏

ز‏:‏ رواه أبو داود والنسائيُّ من حديث هشام، وإسناده صحيحٌ‏.‏

ورواه ابن حِبَّان من رواية سعيد عن قتادة O‏.‏

3167- الحديث الثاني‏:‏ قال الترمذيُّ‏:‏ حدَّثنا هنَّاد ثنا عَبْدهَ عن محمَّد ابن إسحاق عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عمر قال‏:‏ نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن أكل الجلالة وألبانها‏.‏

ز‏:‏ رواه أبو داود عن عثمان بن أبي شيبة عن عَبْدة‏.‏

وقال الترمذيُّ‏:‏ حديثٌ حسنٌ غريبٌ‏.‏

ورواه ابن ماجة عن سويد بن سعيد عن يحيى بن زكريا بن أبي زائدة عن ابن إسحاق‏.‏

ورواه الثوريُّ عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرسلٌ‏.‏

3168- وقال الطبرانيُّ‏:‏ ثنا معاذ بن المثنَّى ثنا مسدَّد ثنا يحيى بن سعيد عن ابن جريج قال‏:‏ حدَّثني أبو الزبير عن مجاهد عن ابن عمر قال‏:‏ نهي عن الجلالة O‏.‏

3169- الحديث الثالث‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ حدَّثنا الحسين بن إسماعيل ثنا أبو بكر بن زنجويه ثنا عبيد الله بن عبد المجيد عن إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجر قال‏:‏ حدَّثني أبي عن عبد الله بن باباه عن عبد الله بن عمرو قال‏:‏ نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الإبل الجلالة أن يؤكل لحمها، ولا تشرب ألبانها، ولا يركبها الناس، حتَّى تعلف أربعين ليلة‏.‏

قال المصنِّف‏:‏ إسماعيل وأبوه ضعيفان‏.‏

ز‏:‏ هذا الحديث لم يخرِّجوه‏.‏

وإسماعيل بن إبراهيم‏:‏ ضعَّفوه‏.‏

وأمَّا أبوه إبراهيم بن مهاجر‏:‏ فروى له مسلمٌ، وقال الثوريُّ وأحمد‏:‏ لا بأس به‏.‏

وضعَّفه ابن معين، وقال النسائيُّ‏:‏ ليس بالقويِّ في الحديث‏.‏

وقال البيهقيُّ- بعد أن روى هذا الحديث من رواية محمَّد بن سنان القزَّاز عن أبي عليٍّ الحنفيِّ-‏:‏ ليس هذا بالقويِّ، وقد أشار إليه الشافعيُّ وزعم أنَّه أراد تغيرها من الطباع المكروهة إلى الطباع غير المكروهة، التي هي فطرة الدواب، حتَّى لا توجد أرواح العذرة في عرقها وجزرها O‏.‏

مسألة ‏(‏785‏)‏‏:‏ إذا مرَّ بالثمار المعلقة ولا حائط عليها جاز له الأكل من غير ضمان، سواء اضطر إليها، أو لم يضطر‏.‏

وعنه‏:‏ يأكل عند الضرورة‏.‏

وقال أبو حنيفة ومالكٌ والشافعيُّ‏:‏ لا يجوز له الأكل من غير ضرورة، فإن اضطر أكل بشرط الضمان‏.‏

3170- قال الإمام أحمد‏:‏ حدَّثنا يزيد أنا الجُريريُّ عن أبي نضرة عن أبي سعيد عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏إذا أتيت على راعي إبل فناد‏:‏ يا راعي الإبل، ثلاثًا، فإن أجابك، وإلا فاحلب واشرب في غير أن تفسد، لإذا أتيت على حائط فناد‏:‏ يا صاحب الحائط، ثلاثًا، فإن أجابك، وإلا فكل في غير أن تفسد‏"‏‏.‏

ز‏:‏ رواه ابن ماجة عن محمَّد بن يحيى الذهْليِّ عن يزيد بن هارون‏.‏

ورواه ابن حِبَّان عن أبي يعلى الموصليِّ عن زهير عن يزيد، ورواه البيهقيُّ من رواية الحارث بن أبي أسامة عن يزيد، وقال‏:‏ تفرَّد به سعيد بن إياس الجُريريُّ، وهو من الثقات، إلا أنَّه اختلط في آخر عمره، وسماع يزيد ابن هارون عنه بعد اختلاطه‏.‏

كذا قال البيهقيُّ، ولم يتفرَّد يزيد بهذا الحديث عن الجُريريِّ، فقد رواه الإمام أحمد عن مؤمَّل بن إسماعيل عن حمَّاد بن سلمة عن الجُريريِّ‏.‏

ورواه أيضًا عن حمَّاد عن عفَّان، وعن عبد الرزَّاق عن معمر، عن الجُريريِّ، والله أعلم‏.‏

وقد روي نحو حديث أبي سعيد هذا‏:‏ من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدِّه‏.‏

ومن حديث الحسن عن سمرة‏.‏

ومن حديث نافع عن ابن عمر‏.‏

وروي عن عمر رضي الله عنه موقوفًا عليه، بإسنادٍ صحيحٍ O‏.‏

مسألة ‏(‏786‏)‏‏:‏ يجب على المسلمِ ضيافةُ المسلمِ المسافرِ المجتازِ به ليلةً‏.‏

وقال أكثرهم‏:‏ لا يجب‏.‏

3171- قال الإمام أحمد‏:‏ حدَّثنا يحيى بن سعيد ثنا شعبة ثنا منصور عن الشعبيِّ عن المقدام أبي كريمة سمع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول‏:‏ ‏"‏ليلة الضيف واجبةٌ على كلِّ مسلمٍ، فان أصبح بفنائه محرومًا كان دَينًا له عليه إن شاء اقتضى، وإن شاء ترك‏"‏‏.‏

3172- قال أحمد‏:‏ وحدَّثنا حجَّاج ثنا شعبة قال‏:‏ سمعت أبا الجوديِّ يحدِّث عن ابن المهاجر عن المقدام أبي كريمة عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏أيما مسلم أضاف قومًا، فأصبح الضيف محرومًا، فإنَّ حقًّا على كلِّ مسلمٍ نصره حتَّى يأخذ بقرى ليلته من زرعه وماله‏"‏‏.‏

ز‏:‏ حديث الشعبيِّ عن المقدام‏:‏ رواه أبو داود من رواية أبي عوانة عن منصور، ورواه ابن ماجة من رواية سفيان عن منصور‏.‏

وحديث أبي الجوديِّ‏:‏ رواه أبو داود الطيالسيُّ عن شعبة، ورواه أبو داود السجستانيُّ عن مسدَّد عن يحيى بن سعيد عن شعبة‏.‏

وأبو الجوديِّ‏:‏ اسمه الحارث بن عمير، وهو ثقةٌ‏.‏

وابن المهاجر‏:‏ اسمه سعيد، وهو شاميٌّ، حمصيٌّ، وقد ذكره ابن حِبَّان في كتاب ‏"‏ الثقات ‏"‏، ويقال فيه‏:‏ ابن أبي المهاجر، والله أعلم O‏.‏

3173- قال أحمد‏:‏ وحدَّثنا حجَّاج قال‏:‏ أنا ليث عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن عقبة بن عامر أنَّه قال‏:‏ قلنا‏:‏ يا رسول الله، إنَّك تبعثنا، فننِزل بقوم لا يقرونا، فما ترى في ذلك‏؟‏ فقال لنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏إذا نزلتم بقوم فأمروا لكم بما ينبغي للضيف فاقبلوا، وإن لم يفعلوا فخذوا منهم حقَّ الضيف الذي ينبغي لهم‏"‏‏.‏

ز‏:‏ أخرجاه في ‏"‏ الصحيحين ‏"‏ من حديث الليث O‏.‏

3174- قال أحمد‏:‏ وحدَّثنا قتيبة ثنا ليث بن ‏[‏سعد‏]‏ ‏[‏عن معاوية ابن صالح عن أبي طلحة عن أبي هريرة أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏أيما ضيف نزل بقوم فأصبح الضيف محرومًا، فله أن يأخذ بقدر قراه، ولا حرج عليه‏"‏‏.‏

ز‏:‏ لم يخرِّجوه من هذا الوجه‏.‏

وأبو طلحة هو‏:‏ الأنماريُّ، الشاميُّ، واسمه‏:‏ نعيم بن زياد، وقد وثَّقه النسائيُّ وغيره O‏.‏